تشرف فريق العدسة بلقاء الدكتورة نور خولاني دراسات عليا في الجراحة العصبية وأخصائية الجراحة العصبية في مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق ❤️
من هي الدكتورة نور خولاني، حدثينا عن أبرز ملامح سيرتك الذاتية؟
وُلدتُ في دمشق عام 1990؛ وتخرجت من كلية الطب البشري جامعة دمشق عام 2014.
ثم بعد ذلك حصلت على شهادة الدراسات العليا وشهادة البورد السوري في الجراحة العصبية عام 2021.
ثم عملتْ كأخصائية مشرفة في مشفى الأطفال الجامعي في دمشق.
عملتِ كأخصائية مشرفة في مشفى الأطفال، هل احتاج الأمر بعد اختصاصك في الجراحة العصبية إلى تحت اختصاص عند الأطفال؟
حالياً لا يوجد لدينا تحت اختصاص بعد اختصاصنا الأساسي لكن مشفى الأطفال فيه كم كبير من الحالات المتنوعة التي تسمح باكتساب خبرة كبيرة في هذا المجال.
ما الأسباب التي دفعت الطبيبة نور لاختيار هذا الاختصاص؟
عندما دخلتُ كلية الطب البشري لم يكن في ذهني اختصاص معين حتى وصلتُ للسنة الأخيرة إذ ذهبت إلى المشفى وتعرفت هناك على الحالات والأمراض العصبية المتنوعة ولمست تأثيرها الكبير على سلوك وحياة المريض؛ وأدركتُ أهمية الجهاز العصبي كونه يتحكم بكامل وظائف الجسم. إضافةً إلى انجذابي لمجال الجراحة وما فيه من مهارة ودقة بالعمل فتراءى لي أن هذا الاختصاص يوفر الفرصة المشتركة ما بين دراسة الأمراض العصبية وعلاجها الجراحي.
وبعد أن بحثت عن هذا الاختصاص بشكل أوسع تفاجأت بندرة وجود طبيبات فيه فرغبت أن أخوض التحدي.
كيف كانت ردة فعل محيطك من الأهل والأصدقاء حول اختيارك؟
قبل دخولي الاختصاص أغلب الآراء كانت تتمحور حول فكرة أن الطبيبة بحاجة اختصاص سهل ومريح ومجال الجراحة مرهق جسدياً ونفسياً حتى للأطباءالذكور؛ لكن بعد دخولي للاختصاص تغيرت الآراء تدريجياً وتلقيت الدعم والتشجيع من قِبل عائلتي والمحيطين بي وأصبحوا متحمسين لفكرة وجود طبيبة بمجال جراحي صعب كالعصبية في سورية.
ما هي التحديات التي واجهتك أثناء فترة الإقامة؟
فترة الإقامة صعبة بشكل عام لأي اختصاص كونها تحتاج لتفرغ تام من قِبل الطبيب وضغط العمل الكبير وهذا المجهود يتضاعف بالاختصاصات الجراحية خصوصاً بفترة مرت فيها بلدنا بحرب طويلة ورأيت إصابات عصبية شديدة للأسف انتهت بالوفاة أو بالشلل الدائم، وهذا خلق تحدياً إضافياً لتخفيف معاناة المريض ومساعدته على التأقلم مع وضعه الجديد.
لكن وبالرغم من كل الضغوط التي تعرضتُ لها إلا أنني تمكنت من تجاوزتها بنسبة كبيرة نتيجة الشغف الكبير بهذا الاختصاص وبفضل دعم وتشجيع الوسط المحيط.
يُقال أن الجراحة تأخذ كل وقت الطبيب، فما تأثير عملك كطبيبة جراحة عصبية على حياتك؟
الإنسان بحاجة لوجود توازن بحياته أي أن يكون لديه عائلة ومحيط اجتماعي وعمل وهدف وأن يوزع وقته وجهده بحكمة.
لاشكَّ أن عملي وفر لي مساحة لأتعلم وأدرس أشياء جديدة وأتعرف على محيط اجتماعي واسع، لكن أحياناً ضغط العمل يتطلب مني جهداً ووقتاً إضافياً لذلك أقوم بتنظيم الوقت والمهام حسب الأولوية.
أما بالنسبة لأطفالي أقوم بالاهتمام بكل تفاصيلهم وأحرص دوماً أن استغل وقتي معهم بأفضل شكل لأنني سأغيب عنهم خلال ساعات العمل.
وما يعينني أيضاً على ذلك هو وجود شريك حياة يهون الطريق الطويل والصعب، ويكون متفهم لظروف عملي كطبيبة جراحة ويكون خير عون لتخطي الأزمات.
ما هي إيجابيات وسلبيات العمل كجرّاحة في سورية بشكل عام؟
الإيجابيات باختصاص الجراحة بسورية هو وجود دعم واسع من قبل المشرفين والزملاء والأهل وتوفير فرص تعلم كثيرة لاكتساب المهارات الجراحية، أما السلبيات فهي ضعف الإمكانيات التقنية مقارنة بالخارج وقلة الموارد.
هل كان هناك استهجان لوجود طبيبة وحيدة في اختصاص كله أطباء؟
هناك موقف في أول لحظة دخلت فيها للاختصاص بمشفى الأسد الجامعي حيث نظر إليّ الزملاء نظرة استغراب حيث كانوا يتوقعون دخول طبيب يحمل اسم نور.
إذا عاد بكِ الزمن هل ستختارين اختصاص الجراحة العصبية مجدداً؟
نعم سأختاره بكل تأكيد، لأن اختياري لهذا الاختصاص كان نابعاً عن حب ورغبة حقيقية.
فأنا أميل أكثر للجراحات لكن عندما فكرت في نفسي ما المجال الذي ارغب فيه رأيت أن الجراحة العصبية هو الاختصاص الذي أريد ويناسبني.
وفي الواقع لم أشعر سابقاً أو خلال فترة إقامتي أنني أود ترك هذا الاختصاص أو الانفكاك عنه رغم المواقف العصيبة ومعاينة الأذيات الحربية التي شهدتها سورية.
والتي قد يشعر فيها المرء بالضعف أو يتمنى أنه لم يتعرض لتلك المواقف في حياته.
لقاء فريق العدسة مع الدكتورة نور خولاني دراسات عليا في الجراحة العصبية وأخصائية الجراحة العصبية في مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق.
ما رأيك فيما يقال عن أن اختصاصات الجراحة بشكل عام غير مناسبة للطبيبات الإناث؟
كانت هذه الفكرة تخلق تحدياً كبيراً أمامي في بداية دخولي للاختصاص، لكن مع مرور الوقت ومع وجود دعم كبير من المشرفين والأطباء والعائلة تأكدت أنه لا شيء مستحيل ما دامت الإرادة والرغبة بالنجاح موجودة.
هل مررتي بموقف فيه مقارنة بين الطبيب والطبيبة باختصاص الجراحة العصبية، أو طلب فيه المريض وجود طبيب بدل طبيبة لمعاينته؟
فكرة المقارنة أصبحت قديمة حالياً، هنالك مساواة كبيرة بين الرجل والمرأة وحتى نظرة مجتمعنا لهذا الأمر تغيرت عما كان في الماضي.
وخلال فترة إقامتي بالاختصاص رحب المرضى بفكرة وجود دكتورة جراحة ولم يكن هناك رفض أو اعتراض.
بالمقابل كان هناك ارتياح من قبل المريضات لوجود طبيبة جراحة لتسهيل الأمور عليهن خاصة بالفحص السريري أو العناية بجرح العملية.
كلمة منكِ للطبيبات الراغبات بدخول اختصاص الجراحة عموماً والجراحة العصبية على وجه التحديد؟
أنصح بسماع الآراء الإيجابية وتجنب الوقوف عند الأفكار السلبية، وعدم الخوف أو التردد.
من الضروري أيضاً أخذ الوقت الكافي لدراسة إيجابيات وسلبيات كل اختصاص على حدة ثم اتخاذ القرار النهائي، وهذا ما قمت به بالفعل، قارنتُ إيجابيات وسلبيات كل الاختصاصات حتى وجدت أن اختصاص الجراحة العصبية هو الأنسب بالنسبة لي.
اختصاص الجراحة العصبية مليء بالمواقف الصعبة والحاسمة، هل يترك ذلك أثراً نفسياً صعباً على حياتك الخاصة داخل أو خارج أوقات العمل؟
يبقى الطب في النهاية عمل اجتماعي، فيه تماس كبير مع المرضى وسماع مشكلاتهم ومشاهدة معاناتهم، ويجب على الطبيب أن يتعامل مع المريض كفرد من أفراد عائلته ويساعده على الشفاء من مرضه أو التخفيف من المعاناة وعند تحقيق ذلك يشعر الطبيب بسعادة وراحة كبيرة لقدرته على المساعدة وتقديم العون لمريضه.
بالمقابل قد يمر الطبيب بحالات مستعصية لا يتمكن من تحسين وضعها بأي وسيلة.
وسيشعر بالحزن والإحباط لكنها ستشكل دافعاً له لاستباق الاختلاطات ووضع خطة للوقاية منها مستقبلاً وإنقاذ أشخاص آخرين.
حدثينا عن موقف لا يُنسى مررتِ به خلال مسيرتك المهنية ضمن اختصاص الجراحة العصبية؟
أذكر خلال فترة إقامتي في مشفى المواساة أتى للإسعاف شاب بحالة حرجة إثر حادث سير.
وبالفحوصات الشعاعية تبين وجود نزف دماغي كبير بالحفرة الخلفية للجمجمة وفي حالته هذه فإن احتمال النجاة كان قليلاً.
تم أخذ موافقة الأهل وأجريتُ الجراحة وأوقفتُ النزف ثم خضع المريض للمراقبة ضمن العناية المشددة.
وبعد ثلاث ساعات تقريباً تفاجأت برؤيته جالساً مع أهله، عندها وقفت للحظة بيني وبين نفسي وشعرتُ بسعادة لا توصف.
فرغم أنه اختصاص صعب ومتعب لكنه مثمر ويستحق، ويكون تأثير طبيب الجراحة العصبية كبير على صحة وحياة المريض، وهذا ما كان يدفعني دوماً للاستمرار.
هل تشجعين أولادك بالمستقبل لدخول هذا الاختصاص؟
نعم إذا كان لديهم الرغبة الكافية والشغف لهذا العمل.
أخيراً أود أن أوجه كلمة شكر لوالدي رحمه الله ووالدتي حفظها الله وزوجي وعائلتي لدعمهم لي خلال مراحل دراستي وعملي.
وكلمة شكر للأساتذة الموقرين والأطباء والتمريض بمشفى المواساة والأسد الجامعي والأطفال لتفانيهم في عملهم.
♡ كلمة منكِ لفريق عدسـة طالـب طـب:
فريق عدسة طالب طب متميز ومبدع، أتمنى له النجاح والتألق، وشكراً على المقابلة الرائعة.
بدورنا، نشكر د. نور على تجربتها ووقتها ونتمنى لها دوام التوفيق 😌❤️