في ظل استمرار ظاهرة الهزات والزلازل التي نمر بها، لابد لنا أن ننوه إلى أهم وأخطر المشاكل التي يمكن أن تطال الضحايا العالقين تحت الأنقاض بسبب هذا الزلزال وخاصة متلازمة الهرس والتي يجب الانتباه لها بشكل خاص من قبل الأطباء والمسعفين.
ما هي متلازمة الهرس ؟
متلازمة الهرس Crush syndrome أو انحلال الربيدات Rhabdomyolysis تنتج عن الضغط المستمر المطبق على عضلات الهيكل العظمي وخاصة الأطراف من قبل حطام الأبنية، وهذا ما يؤدي إلى انسداد التدفق الدموي للطرف وتمزق ألياف العضلات المخططة الهيكلية وأذية للأنسجة والعظام والأعصاب .
آلية متلازمة الهرس الإمراضية
يجب الانتباه إلى أنّ مريض متلازمة الهرس غالباً مايكون واعياً عند إنقاذه وتبدأ حالته بالتدهور عند إخراجه من تحت الحطام، يؤدي نقص التروية الدموية الناتج عن انسداد الأوعية بعد السحق إلى تعطيل آلية ATPase مما يسبب إطلاق الصوديوم والكالسيوم والسوائل فيزداد حجم العضلات وتوترها.
إنّ إزالة الضغط عن الأنسجة يزيد الوارد الدموي إليها ويسبب تدفق كبير للمواد الناتجة عن سحق الخلايا العضلية : كالميوغلوبين الذي يتحول بدوره إلى ميثيوغلوبين ثم إلى حمض الهيماتين _ بوتاسيوم – مغنيزيوم – فوسفات – أحماض كرياتين كيناز القلبي(CKMM) أنزيمات مثل فوسفوكيناز الكرياتين هيدوجين لاكتات (LDH).
هذه المواد على الرغم من أنها ضرورية للخلية لكن إطلاقها بكميات كبيرة في الدورة الدموية يسبب مشاكل خطيرة .
أعراض متلازمة الهرس
أولاً: عدم انتظام ضربات القلب الناتج عن فرط البوتاسيوم (خاصة المترافق مع نقص كالسيوم الدم).
ثانياً: صدمة نقص الحجم الناتجة عن التجفاف بعد قضاء ساعات طويلة تحت الأنقاض ، مسببة خلل في تبادل الغازات ووذمة رئة تؤثر على تنفس المريض فيتطور لديه _ متلازمة الضائقة التنفسية الحادة ARDS.
ثالثاً: فشل كلوي ميوغلوبيني حاد (من أخطر أعراض الهرس )؛ لأن الميوغلوبين المتحرر من الخلايا العضلية يرتشح في البداية خارج الكبيبة لكن بعد تجاوزه الحد الكلوي يترسب في الأنابيب الكلوية البعيدة مسبباً الانسداد، كما يمكن لمنتجات تحلل الميوغلوبين أن تؤدي إلى تضيق في الشرايين الواردة داخل الكبيبة مما يساهم في أذية الأنابيب البعيدة أيضاً، ويتظاهر هذا الفشل الكلوي بـ :
- انخفاض الصادر البولي.
- بيلة دموية بلون الشاي، أو الكولا دالاً على طرح الميوغلوبين في البول .
- ارتفاع كرياتينين واليوريا في المصل
رابعاً: قد نشاهد كدمات سطحية في الطرف، ألم عضلي أو شلل عضلي مع فقدان الحس ناتج عن أذية عصبية في المنطقة، انتفاخ أو تنخر في العضلات بسبب نقص التروية الدموية .
خامساً: قد يتطور في حالات الإنقاذ المتأخر:
- هذيان هياج.
- غثيان وإقياء.
تشخيص متلازمة الهرس
- مستويات الكرياتين كيناز في حالة الهرس تتجاوز ١٠٠٠ وحدة دولية / لتر، حيث يبدأ الارتفاع بعد ٢١٢ساعة من الهرس، وينخفض بعد مرور ٣ ٥ أيام .
- اختبارات AST_ALT_LDH إضافة إلى الميوغلوبين ونواتج تحلله . ارتفاع في كرياتينين ويوريا المصل .
- فرط البوتاسيوم.
- نقص الكالسيوم.
- فرط سكر الدم.
- كما يمكن إجراء إيكو دوبلر للبحث عن مكان التضيق ونقص التروية في الطرف.
- تخطيط كهربائي للقلب ECG .
علاج متلازمة الهرس
يجب أن يكون الإنقاذ حذراً.
أولاً : عدم سحب الطرف المصاب إذا مضى عليه أكثر من 4 ساعات إلا بعد وضع ضماد ضاغط على الفخذ عند الناحية القريبة من البطن في حالة الطرف السفلي ، أو عند الإبط في حال كان الطرف العلوي هو المحصور تحت الركام، بهدف تقليل التدفق الدموي إلى الطرف بعد سحبه .
ثانياً : فتح وريد وتسريب محلول ملحي و قلونة الدم بالبيكربونات للوقاية من الحماض، حيث يسرب ٥٠ ميلي مول من البيكربونات لكل ١ ليتر من المحلول الملحي متعادل التوتر.
ثالثاً : استخدام الأنسولين والغلوكوز لتصحيح الارتفاع في مستوى البوتاسيوم، وتعويض الكالسيوم.
رابعاً : إدرار بول قسري عند الإمكان، حيث يعد الحفاظ على وظائف الكلى حجر الأساس في معالجة إصابات السحق . يجب أن يكون النتاج البولي ٣٠٠مل/الساعة على الأقل أي ١٢ ليتر/يومياً
خامساً: قد يحتاج مريض السحق إلى نقل بعض مكونات الدم.
سادساً: قد نضطر في بعض الأحيان إلى غسيل كلى وذلك في حالة:
- عدم إمكانية السيطرة على اختلال توازن الكهارل
- ارتفاع كرياتينين ويوريا المصل
- انقطاع البول
- قد يتحسن المريض بعد جلسة أو اثنتين من الغسيل ويعود إدرار البول لديه طبيعي.
سابعاً : تطبيق ضغط عالي من الأوكسجين:
- يعزز قابلية الأنسجة للحياة.
- يخفف من تدفق السوائل نحو الأنسجة الناتج عن تضيق الأوعية بسبب الضغط المطبق من الحطام، وبالتالي يقلل من الوذمة في الأنسجة.
- يقلل نمو الباكتيريا اللاهوائية في حالات نخر العضلات.
ثامناً: احياناً نحتاج مضادات حيوية واسعة الطيف غير سامة للكلية.
تاسعاً : العلاج الجراحي :
- بضع اللفافة ( Fasciotomy ) يتم اللجوء إليها في حال ارتفاع الضغط داخل الحيز لعلاج الخسارة الناجمة عن نقص التروية الدموية فهي تهدف إلى إنقاذ الطرف ، تتضمن قطع الأنسجة غير المرنة التي تغلف العضلات المصابة عن طريق إحداث عدة شقوق في المنطقة مما يخفف الضغط عنها، أشيع المضاعفات التي قد ترافق هذه العملي هي حدوث أذية عصبية.
- البضع المبكر هو الأفضل حيث أن إجراء البضع بعد 8- 10 ساعات من حدوث الهرس يستوجب إجراء البتر.
- إجراء عمليات البتر المحافظة كحالة طارئة أو تدبير.
وأخيراً الاستمرار في متابعة حالة المريض ومراقبة تراكيز الشوارد والسوائل، وإدرار البول لديه.
مع تمنياتنا بدوام السلامة والأمان للجميع.
المصدر:
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/17641588/