وجه آخر لأوجه إنسانية الأطبّاء ورحمتهم واللّطف الخفي الذي يرعى المرضى تحت أيديهم وُثِّق على أيدي مجموعة أطباء مصريين في أحد المشافي التعليمية بحالة فريدة كُتب لها النجاة بمساعدتهم.
وفي التفاصيل جاءت مريضة 32 عاماً حاملاً في الشهر الثامن مع سوابق 5 قيصريات، كانت تعاني من مشيمة ملتصقة بجدار الرحم والمثانة البولية وأوعية الحوض
حجز لها الأطباء موعد الولادة في الـ9 من نوفمبر 2019 مع المراقبة خوفاً من حدوث نزيف مفاجئ.
في حالات كتلك فإنّ نسبة النّجاة تكاد تنعدم أثناء أو بعد العملية بسبب الإصابات التي تسببها المشيمة الملتصقة والنزيف الكبير الذي يحدث أثناء العميلة واختلاطات نقل الدم والبلازما.
وحدث كما توقّع الأطباء حيث تلقى الأطبّاء في صباح يوم الأحد الموافق لـ3 من نوفمبر نبأ حدوث نزيف حاد للشابة ودخلت إثرها غرفة العمليات الساعة 10 صباحاً.
تم تخديرها تخديراً كلياً واستخرج الوليد بصحة جيدة،
ثم قام الأطباء باستئصال الرحم والمشيمة الملتصقة بالاوعية الرئيسية للحوض والمثانة.. وحصل ماتوقعه الأطباء .. نزيف حاد غزير غير قابل للإيقاف
لسوء الحظ كانت زمرة دم المريضة نادرة ولم يستطع الأطباء سوى توفير 4 أكياس دم فقط، استمرت العملية 9 ساعات من ال10 صباحاً حتى 7 مساءً، ونزفت المريضة مايقارب 2 ليتر دم صافي و2 ليتر دم على التعقيم الجراحي وأرض العمليات و108 فوطة جراحية بجانب الكمية التي خرجت منها بعد العصر !
تم تعويض المريضة خلال العملية بـ
8 أكياس دم من فصيلتها
كيس واحد من فصيلة o سلبي
12 كيس بلازما من نفس الفصيلة
24 وحدة صفائح بشرية
2 وحدة فولفين
عدد 13 محلول رينجر
عدد 12 محلول ملح
عدد 3 محلول غلوكوز 5%
طبياً فإن نسبة النجاة بعد كل الإجراءات السابقة لا تتجاوز 1%، بعد انتهاء العملية تم إكمال تعويض النزيف وإصلاح العلامات الحيوية للمريضة وغازات الدم وتم إيقاظ المريضة وفصلها عن المنفسة، وكانت حالتها مستقرة وتم نقلها للعناية المركزة وتم استكمال تعويض النزيف وتحسين الحالة العامة للمريضة.
أخيراً تم إدخال المريضة مرّة أخرى للعمليات بعد 48 ساعة يوم الثلاثاء صباحاً لإزالة 8 فوط جراحية تم تركها داخل البطن في المرة الأولى لوقف النزيف، ثم أعيدت المريضة للعناية المركزة وتم تخريجها بعد استقرار حالتها وعودتها للحالة الطبيعية.
يعتبر الكادر الطبي القائم على الحالة أنَّ هذه المريضة قد كسرت كل قوانين الطب وعاكست توقعات الكادر بعد أن حال بينها وبين الموت العناية الإلهية والتدبير السريع الصحيح.
شارك في الإشراف على هذه الحالة 4 أطباء تخدير، و 4 استشاريين في النسائية مع 6 مقيمين، استشاري جراحة أوعية مع مساعد جرّاح أوعية، جرّاح بولية، وطبيب عناية مركزية مشرف دائم مع مساعدة 4 آخرين، وطبيبة من بنك الدم وفريق كامل من التمريض.
كل هؤلاء تجمعوا لإنقاذ حالة واحدة من الموت وتفانوا جميعهم ليتعافى شخص واحد ويتماثل للشفاء، فهل ثمّة شيء بعدُ يقال في إنسانية الأطباء أمام هذا العمل ❤️.