علماءٌ يكتشفون تحليلاً دموياً قادراً على كشف 50 نوعاً من السرطان!!
ليس ضرباً من الخيال ولا علماً زائفاً…
تحليل دمٍ جديدٍ قد يستطيع الكشف عن 50 نوعاً من السرطان بالإضافة إلى مكان نشوئها وذلك حتى قبل ظهور الأعراض
ما قد يُحدِث ثورةً في مجال تشخيص السرطانات!
ما قرأته صحيحٌ تماماً، إذ تمكّنت مجموعةٌ من الباحثين في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من تطوير هذا الاختبار الجديد
وقاموا بنشر تقاريرهم في مجلة Annals of Oncology المعنية بالأورام.
توجد حاجةٌ مُلِحَّةٌ لأدواتٍ تشخيصيةٍ أكثر قدرةً على كشف السرطانات
ففي كثيرٍ من الأحيان لا يتمكن المتخصصون في الرعاية الصحية من تشخيص السرطانات إلا بعد ظهور الأعراض.
وعند تلك النقطة قد يكون الوقت بات متأخراً للبدء بالعلاج.
ومن أجل التغلب على تلك المشكلة، ظهرت بعض البرامج المسحية مثل:
▪️الماموغرام (للمسح عن سرطان الثدي)
▪️ولطاخة بابا نيكولا (للمسح عن سرطان عنق الرحم)
ولكن هذه الاختبارات تُجرى لمجموعةٍ صغيرةٍ من السكان فقط (أولئك الذين يصنفون على أنهم ذوي خطورةٍ عاليةٍ)،
وهي أيضاً محدودةٌ بعددٍ قليلٍ من السرطانات، ولها معدلاتٌ مختلفةٌ من المصداقية، كما يمكن أن تكون غازيةً أو غير مريحةٍ للمرضى.
أما الآن فإن الباحثين قد قاموا بتطوير اختبار دمٍ بسيطٍ يمكنه الكشف عن 50 نوعاً من السرطانات،
وفي كثير من الحالات حتى قبل أن يظهر أي عرضٍ على المريض وذلك عن طريق سحب كمية قليلة من الدم فقط!
مبدأ تحليل الدم الذي يكشف 50 سرطاناً:
إن مبدأ الاختبار يقوم على الكشف عن نوعٍ من الحمض النووي الذي يتم تحريره من الخلايا الورمية إلى الدم، والذي يُعرَف بالحمض النووي الحر أو الحمض النووي الخالي من الخلايا (Cell-free DNA).
عادةً ما يشكّل تمييز هذا الحمض النووي الورمي تحدّياً كبيراً
ذلك لأن خلايا الجسم السليمة تقوم أيضاً بتحرير بعض الحمض النووي إلى مجرى الدم، ويصعب التمييز بين الاثنين.
يقوم الاختبار الجديد بتمييز الحمض النووي الذي يتم تحريره من الخلايا الورمية عن مثيله من الخلايا السليمة، وذلك باستخدام خاصّةٍ مميزةٍ للحمض النووي الورمي
وهي إضافة زمرةٍ كيميائيةٍ تسمى مجموعة الميثيل، ترتبط بنمو الخلايا الورمية.
بعد القيام بعزل الحمض النووي الحر (cfDNA) من عينة الدم والقيام بعملية سلسلة الحمض النووي للعثور على الأجزاء التي حدث لها مَثيَلَة، فإن المختصّين يقومون بإعطاء النتائج لجهاز حاسوبٍ فيتمكن من التمييز بين الحمض النووي الورمي وغير الورمي.
يمكن للكمبيوتر بعد ذلك التنبؤ بما إذا كان الشخص مصابًا بالسرطان أم لا، وقد يتمكّن حتى من معرفة نوع الورم.
تُقدَّر دقة الاختبار بـ 93%!
إن هذه الدراسة (والتي هي جزء من دراسة أكبر شملت 15000 شخص)، قامت باختبار دم أكثر من 4000 شخصٍ، نصفهم تقريبا مصابون بالسرطان، وشملت الدراسة أكثر من 50 نوعاً مختلفاً من السرطانات.
خَلُصَت الدراسة إلى أن الاختبار كان دقيقًا في 93٪ من العينات، كما أمكن التنبؤ بالموقع البدئي للسرطان في 96٪ من العينات.
أما معدل الإيجابية الكاذبة فقُدِّر بـ 0.7٪ فقط، مما يعني أن أقل من 1٪ من الأشخاص قد يُشخَّصون خطأً بالسرطان عبر هذا الاختبار.
وبالمقارنة مع البرامج المسحية لسرطان الثدي والتي لها معدل إيجابية كاذب يقدر بـ 10 ٪، يظهر بوضوح تفوّق الاختبار الجديد!
يأمل كبير الباحثين في الدراسة، الدكتور “مايكل سيدن“، أن تتمكن برامج الفحص الوطنية من استخدام الاختبار يوماً ما. يقول:
“بيانات الدراسة تدعم اعتقادنا بأن اختبارنا الجديد يلبي كل متطلبات الاختبار المسحي والذي يمكن تطبيقه على عموم السكان.”
ويوضح أن هذه المتطلبات هي “القدرة على اكتشاف العديد من أنواع السرطان المميتة من خلال اختبارٍ واحدٍ له معدل إيجابيةٍ كاذبةٍ منخفضٌ جدًا، وقدرةٌ على تحديد مكان وجود السرطان في الجسم بدقةٍ عاليةٍ”.
آمالٌ وتحديات
لا يزال الباحثون يقومون بتصديق الاختبار عبر إجراء دراساتٍ على عددٍ سكانيٍّ أكبر.
وعلى الرغم من أن نتائج هذه التجارب ما تزال معلقةً، إلا أن العلماء متفائلون للغاية.
كما يوضح البروفيسور فابريس أندريه، رئيس
تحرير مجلة Annals
of Oncology المعنية بالأورام قائلاً:
“هذه دراسةٌ بارزةٌ وخطوةٌ أولى نحو تطوير اختباراتٍ مسحيةٍ سهلة الاستخدام.
إن الكشف المبكر لأكثر من 50٪ من السرطانات يمكن أن ينقذ ملايين الأرواح كل عامٍ في جميع أنحاء العالم،
وأن يقلل بشكلٍ كبيرٍ من المراضة التي تسببها العلاجات العنيفة للسرطان”.
يأمل العلماء بشكلٍ خاصٍ أن يساعد الاختبار في تشخيص السرطانات التي لا تظهر أعراضها إلا في وقتٍ متأخرٍ والتي يقوم الأطباء بتشخيصها في المرحلة الأخيرة.
نظرت الدراسة في 12 نوعاً من أخطر أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان البنكرياس والرئة والمبيض،
والتي تمثل أكثر من 60 ٪ من جميع الوفيات المرتبطة بالسرطان كل عامٍ في الولايات المتحدة.
حالياً، ما من اختبارٍ مسحيّ كاشفٍ لأغلب هذه السرطانات في مرحلة ما قبل ظهور الأعراض
لكن اختبار الدم هذا تكمن من كشف أكثر من 67 ٪ منها بدقةٍ.
المصدر: Medical News Today
المساهمون:
ترجمة وإعداد: محمّد نوّار إبراهيم
تدقيق ورفع: رند الجندي
تصميم: روان العسكر