لطبيب الماهر هو الذي يجمع بين اختصاصين مختلفين ويبدع بهما.
ولذك سنكون في لقائنا اليوم مع الدكتور المتميز في أسلوبه في التدريس والمحبوب بين طلابه والمبدع في اختصاصه:
أستاذ مادة التشريح المرضي العام والخاص في جامعة دمشق
الدكتور الرائع فريز أحمد ❤️
✅ لمحة عن حياة الدكتور:
⭕️ من مواليد مدينة دمشق 1966.
⭕️ متزوج ولديه ستة أبناء.
⭕️ نال شهادة الثانوية العامة عام 1984.
⭕️ ثم التحق بكلية الطب وتخرج منها عام 1990 بمعدل 83.4.
⭕️ حاز على شهادة الماجستير في اختصاص التوليد والأمراض النسائية عام 1994 ثم تعين معيد في جامعة دمشق.
⭕️ حاز على شهادة الماجستير في اختصاص التشريح المرضي عام 1998.
⭕️ سافر إلى فرنسا عام 2000 وحاز على شهادة دكتوراة في تشريح المرضي في جامعة ليون.
⭕️ في عام 2008 تعين كمدرس في كلية الطب جامعة دمشق قسم التشريح المرضي.
⭕️ وحالياً رئيس قسم التشريح المرضي في مشفى البيروني الجامعي وعضو في الهيئة التدريسية في جامعة دمشق وجامعات خاصة أخرى.
❓حدثنا عن اختصاصك في التوليد والتشريح المرضي وسبب اختيارك لهما.
✅ في ممارستي في التوليد وأمراض النساء: مختص في جراحة الأورام كسرطانات عنق الرحم والمبيض وغيرها..
وفيما يخص التشريح المرضي فهذا كان من الإختصاصات المرغوبة بالنسبة لي “فهو علم بحد ذاته” والآن يوجد مخبر خاص في مشفى البيروني يقوم بكافة الفحوص الخلوية والنسيجية والمناعية، وقد تم تشخيص حالات نادرة في سوريا وتم ذكرها في مجلات عالمية.
❓حدثنا عن مرحلتك الجامعية في دمشق وعن رحلتك الدراسية في فرنسا.
✅ لم يكن الطب محبذاً بالنسبة لي في أعوامه الثلاث الأولى ولكن على الرغم من ذلك كنت الأول على الدفعة في هذه الأعوام الثلاثة فقد كنت لا أفوّت محاضرة وأقوم بتسجيلها كتابةً على دفتر خاص بي يتداوله الطلاب ويقومون بطباعته، فهو كان يعتبر لي كمرجع.
بدأت رحلتي في فرنسا بعد أن اختصيتٔ في بلدي؛ فهذا يعد تميزاً أن نكون قد اكتسبنا خبرتنا هنا ثم نذهب بتلك الخبرة إلى الخارج لنتعمق في اختصاصنا هناك، قد قمت بمناوبات في مشافي مختلفة في مدينة ليون حيث كنت أناوب صباحاً مناوبات تخص التشريح المرضي ومساءً مناوبات التوليد والنسائية
وقد اكتسبت خبرة واسعة في مجال جراحة الأورام النسائية هناك، وقد ذهبت إلى ستة مراكز جامعية تخص التشريح المرضي في مدينة ليون وعملت مع أشخاص ذوي شهرة على مستوى العالم.
❓بماذا تنصح الطلاب الذين لديهم قلق من الاندماج مع الثقافة واللغة الجديدة في السفر؟
✅ اللغة تحتاج جهد، فأنا لغتي الأصلية الانكليزية ولم أكن قد تعلمت الفرنسية أبداً، وعندما جاء قرار إيفادنا إلى فرنسا، داومنا في دورة للغة الفرنسية لمدة سنة كاملة هنا بالبلد، وعندما سافرت إلى فرنسا كان مستوى لغتي الفرنسية يعادل مستوى اللغة الانكليزية الذي هو بالأصل ممتاز، حيث أنني في ذاك العام تفرغت تماماً لدراسة اللغة حتى أغلقت عيادتي النسائية والتوليد.
فأنصح الطلاب إن كان لديهم توجه للسفر بأن يحضّروا للغة قبل أن يسافروا، فمثلاً استطعت أن أنجز كافة أموري من الإقامة والسكن لأنني أعرف اللغة.
بالنسبة للثقافة، لكل مجتمع ثقافته بالطبع، ويجب على الشخص أن يساير المجتمع الذي هو فيه، وبالطبع لدينا مبادئ لا نتجاوزها لكن نحاول أن نندمج مع المجتمع الآخر قدر الإمكان، ذلك من أجل ألا ينظروا لنا نظرة الغرباء.
استطعت تكوين العديد من الصداقات وكان بيننا زيارات ومناسبات، وحتى فرضت جوّي فمثلاً كنت أقيم عزائم بالمشفى وأُحضّر أكل سوري من كل أنواعه؛ لكن بالمقابل هناك العديد من الذين سافروا اختاروا أن يتقوقعوا على أنفسهم وهذا ليس منطق وصواب.
فيجب أن تراعي مبادئ هذا المجتمع وتقدر أنك ستأخذ منه شيء.
بالمقابل تفاجؤوا هم بوجود الخبرة لدينا، فهناك بعض الأمور التي سبقناهم بها، فمثلاً قبل سفري كنت قد أجريت ثلاث مئة عملية جراحية قيصرية و ستين عملية استئصال رحم، بينما عندهم أخصائيين كبار لم يصلوا إلى هذا الرقم.
وهذا ما جعل طلاب الدراسات لدينا يبدعوا في الخارج لأنهم عملوا في ظروف قاسية مع عدم الاعتماد الكلي على الفحوص المتممة.
❓ما نصائحكم التعليمية والتوجيهية لطلاب الطب؟
✅ أنصح دائماً بحضور المحاضرة، حتى مع سهولة الحصول على المحاضرة جاهزة؛ قارن بين طالب حَضَرَ المحاضرة ودرسها في البيت، وبين طالب أخذها ودرسها بدون حضور؛ قارن بالوقت الذي يحتاجه الطالب الذي لم يحضر ليستوعب المعلومة مع الوقت الذي يحتاجه الطالب الذي يحضر، أنا أؤكد لكم أربع أضعاف، كما أن مع الحضور تتثبت المعلومة أكثر وتكون سرعة التلقي أكثر.
فعندما اخترت الطب عليك تحمله كله، الحضور سواءً بالعملي والنظري.
والنصيحة الثانية هي أن تعلم الطب كالهرم وكل معلومة تأخذها ستسد ثغرة في هذا الهرم، فلا يوجد استغناء عن أي معلومة من أي مقرر حتى من السنوات الأولى. ففي كل سنة يوجد مجموعة من المواد على الطالب أن يركز عليها ويتقنها.
❓هل واجهت عقبات في خدمات الجامعة؟
✅ إن الصعوبة الأكبر التي نواجهها هي الأعداد الكبيرة للطلاب، فعدد الطلاب أكبر من حجم القاعات المتاحة، ونحن نتعامل مع شريحة هي من أفضل شرائح المجتمع وهم طلاب الطب فهم النخبة، ويبيضون الوجوه في الخارج وبصراحة ليس بفضل الجامعة إنما بفضل اجتهادهم ومثابرتهم، فمهما كانت ظروف الأداء لدينا فهي تكفي لأخذ المعلومة.
بالمقارنة مع جامعات أخرى مثل جامعة ليون فيوجد مئة طالب طب فقط بالسنة.
حقاً استطاع طلابنا التميز رغم الظروف، ففي معظم الامتحانات الأجنبية التي تقام خارجاً تلاحظ النتائج الرائعة التي يحققها السوريون.
يجب علينا ألا ننظر إلى ترتيب الجامعات لنقيم الأداء، انظر إلى رؤساء الأقسام الأميَز في أوروبا وأميركا ترى أنهم سوريون.
❓بعد دراستك بفرنسا، ما هو الفرق في التعليم بين سوريا وفرنسا؟
✅ بصراحة ما يميّز التعليم هناك هو الإمكانيّات المتاحة ووسائل الإيضاح الأهمّ من التي نمتلكها، بالإضافة لمكتبةٍ حديثةٍ عالميّة ومرجعٍ مفتوح لا يتطلب من الطّالب اشتراكاً كما أنّ عدد الطلاب أقل وأكثر راحة.
بالمقابل، التدريب لدينا أفضل لأنه يعتمدُ على الخبرة الشخصية والذّاتيّة بينما يعتمد لديهم على الآلات، طالب الطبّ في سوريا يتعلّم بنفسه كيف يقوم بالإصغاء وفحص بطن المريض، حيث لا يستطيع أن يكتفي بالطلب من المريض أن يقوم بإجراء إيكو ويعود لعنده، هذا الشيء كفيل بعدم عودة المرضى لعيادة الطبيب في الظروف التي لدينا.
نحن نعمل بظروف عملٍ أقل كلفة وبالطبع على حساب جهد الطبيب، عكس الأطباء في الخارج الّذين يعتمدون على الفحوص والتحاليل والأشعة.
الإمكانيات لديهم، والإبداع رغم الظروف عندنا.
اضطرّ الطلاب أن يتعلّموا بظروفٍ سيّئة، وإذا سافروا للخارج فسوف يكون الإيكو بالنسبة لهم سخيفاً طالما هم قادرون على الفحص بسماعتهم العادية، رُبّ ضارّةٍ نافعة.
❓ما رأيك بالاختصاص هنا أو خارج سوريا؟
✅ الدراسات العليا من المؤكد أفضل في سوريا وذلك لأنه بالخارج تدريب الطالب يكون على الدمى ولا يسمحون لك بالتدرب على مرضى
فلدينا هنا الكثير من الحالات والعديد من المرضى،
ودائماً أقول أنه ببداية اختصاصك أفضل أن يكون في سوريا أي البناء الأساسي للاختصاص أحبذ أن يكون في سوريا لأنه وبعد السفر للخارج فهم سيتشجعون على تجربتك وسيكون واضحاً مدى خبرتك في التعامل مع الحالات، فالاختصاص هنا وهناك.
❓من الدكاترة المميزون الذين تعلمت منهم؟
✅ الأستاذ رقم 1 بجامعتنا والذي يجب أن يظلّ في ذهن الجميع، هو الدكتور إياد الشطي، حديثي ليس لأنه في نفس اختصاصي وإنما العكس، هو أحد الأسباب التي جعلتني أحب التشريح المرضي وأختصّ به. كان قدوةً لي بفضل علمه الغزير، فالتشريح المرضي علمٌ واسعٌ جدّاٌ والطبيب فيه يكون مُلِمّاً بمعلوماتٍ من مختلف الاختصاصات كالعينية والقلبية والصدرية.
التشريح المرضي هو أبو العلوم، وأستاذ الأساتذة هو الدكتور إياد الشطي.
أما بالنسبة للخارج، فمَثَلي هناك في النسائية والتشريح المرضي هو بروفيسور مشهور اسمه فرابر، أستاذ الباثولوجيا النسائية في ليون، اختصّ بدايةً في النسائية ثم درس التشريح المرضيّ وأصبح الاستشاري رقم 1 في منظمة الصحة العالمية بعنق الرّحم.
بالإضافة للعديد من الأساتذة، حيث ترك كلّ من درسني بصمةً على مجموعي العلميّ.
❓ما رأيك بالامتحان الطبي الموحّد؟
✅ هو شكلٌ من أشكال الامتحانات التي فُرضت لإعطاء العدالة بين الجامعات المختلفة، رغم أنه أيضاً له ظروفه الخاصة! ما يحدث حاليّاً هو فحصٌ لطلابٍ بجامعاتٍ مختلفة وبظروفٍ مختلفة، وبهذا الحالة؛ المقرر يجب أن يكون مشتركاً بينهم.
تطبّقَ المنهاج والامتحان الموحّدين لجميع المحافظات في السنة التحضيرية، وبالمقابل حتى نسمّي الامتحان بالوطنيّ يجب أن يكون المقرر واحداً بمحاور ثابتة.
على سبيل المثال، جامعة البعث ليس لديهم مشفىً ليتدربوا فيه على عكس طلاب دمشق الذين من الممكن أن تكون ظروفهم أفضل بهذه الناحية.
هذا سلاح ذو حدّين، من الممكن لشخصٍ لم يُدرّب سريرياً أن ينال بالفحص الوطني علامةً عالية من غير أن يكتسب الخبرة التي لدى طالبٍ أقل منه بالعلامة، أي أنّ العلامة لم تعطِ السريريّات حقها، فالفحص نظريٌّ فقط وليس به شقٌّ عمليّ.
كما أن الجامعات التي ليس لها مشافي يقضي طلابها وقتهم كلّه بالدراسة النظرية، على عكس طلاب دمشق مثلاً الذّين يقضون ساعاتٍ في الدوام العملي والدراسة السريريّة على حساب الدراسة النظرية، وبالتالي من الطبيعي أن تكون المعدلات في البعث مثلاً أو في الجامعات الخاصة أعلى، هذه النتيجة لا تعني شيئاً وأنا واثقٌ أنّ طلاب دمشق أفضل من الناحية السريرية.
برأيي يجب ألّا يدخل الامتحان الوطني بمعدّل الدراسات العليا وإنما فقط معدّل التخرج. يجب أن تكون غايته هو قبول الطالب بالدراسات العليا وإثبات أن الطالب يستحقّ شهادة الطب وأنه مؤهل ليكون طبيباً.
❓دكتورنا ما وجه الاختلاف بين الطبيب الناجح والفاشل؟
✅ لنفرق أولاً بين الطبيب والدكتور فالتعبير الدقيق للدكتور هو أن يكون على علم بالفحص والمعالجة ولديه عقل كافي للتشخيص، بينما الطبيب هو شخص لديه عقل و قلب،
والفرق بين الناجح والفاشل هو قدرة الناجح على الجمع بين هذا الثالوث: العقل والحكمة والقلب الطيب.
❓اختصاص النسائية حدثنا عنه قليلاً.
✅ هو اختصاص جراحي ميزته أنه يجمع بين الجراحة والداخلية كما أنه في كثير من الأحيان يتعامل مع أشخاص أصحاء أسوياء.
هو اختصاص معتمد على العمل أكثر من الدراسة، فطبيب الدراسات عنده مناوبات مكثفة وإرهاق شديد لكنه معتمد على المهارة اليدوية ويحتاج دراسة أقل.
هو الاختصاص الوحيد الذي في كثير من الأحيان لا يتعامل مع مرضى ولكن بالتأكيد هناك مرضى الأورام، أما المريضة التي تتابع حملها فهي ليست مريضة و إنما إنسانة لديها مشروع تم تأسيسه مع زوجها بينما باقي الاختصاصات كلها تتعامل مع مرضى كالأذنية والجلدية والعينية.
❓من خلال ممارستك كيف تقيّم وعي المرضى و مدى التزامهم بالعلاج؟
✅ وعي المريض يعتمد على قدرة الطبيب في التوضيح والإقناع،
والمثال على ذلك مريضة لطاخة عنق الرحم والتي يجب إجراؤها مرة كل سنتين ، فأنا كطبيب ذكر عندما تأتي المريضة فبقدرتي على الشرح البسيط والمفصل و إظهار أهمية اللطاخة لكي تقتنع بعملها، من بين 10محاولات إقناع مرضى بإجراء اللطاخة فشلت مرة واحدة، فأنا ضد فكرة أن المرضى عندنا غير واعيين بالعكس هم مرضى بسطاء و يستجيبون لك بسهولة، فأنت الذي تعطي المريض الثقة عن طريق المعلومة الصحيحة بعيداً عن المصالح المادية و أن يكون هدفك هو مصلحة المريض وليس الغرض المادي.
مدى الاستجابة لتعليمات الطبيب هنا في سوريا جيدة،
لدينا شريحتان من المرضى …
الفهمانين بشكل مبالغ فيه وهم مزعجون إلى حد ما بمناقشتك من معلومات تم أخذها من الانترنت الذي معظم محتواه من المعلومات يكون غير دقيق وهذا النوع من المرضى أسوأ من الجاهلين،
والمجموعة الأخرى بسيطة جداً وقادرة على الاستجابة لتعليماتك بأبسط وسائل الإقناع و تعطيك الثقة التامة.
ولكني لم أعاني كثيراً من عدم تجاوب المرضى، بالمجمل تجاوب المرضى لدينا جيد.
❓جملة تحب تكرارها في محاضراتك؟
✅ هناك أمراض لدينا تسمى بالأمراض الحدية borderline ليست حميدة ولا خبيثة، والجملة المشهورة هي:
“There are not borderline diseases, there are borderline pathologists”
أي أن الأطباء هم الخط الفاصل.
فبرأيي ليس هناك أمراض حدية وإنما المشكلة تكمن في عدم قدرة الطبيب على الحزم باتخاذ قرار السلامة أو الخباثة.
❓هوايتكم وماذا تفعل خارج أوقات العمل؟
✅ أنا من متابعي الرياضة بكثرة وخاصة كرة القدم ومشجع لفريق برشلونة ولدي ميول أدبية أحب القراءة وأكتب الشعر ولدي بعض الكتابات الشخصية، فاللغة العربية تعتبر متعة عندي.
❓كلمة من حضرتكم لفريق العدسة…
✅ أشكر اهتمامكم وفريقكم الذي يسلط الضوء على أهمية العمل الطبي بكل مفصل من مفاصل الحياة من الدكاترة والمدرسين وطلاب الدراسات وتطوعكم وجهودكم المبذولة الذي يبين حبكم لوطنكم.
وبدورنا نشكر الاستاذ الرائع فريز أحمد على وقته الذي منحنا إياه ونتمنى له التوفيق ليصل إلى ما يستحقه💚
⭕️ كان في اللقاء العدسات💙:
~ معاذ النداف
~ بشار مقداد
⭕️ تحرير العدسات💙:
~ نور مرعشلي
~ محمد أديب قضماني
~ هيا شويكي
~ نور القيم
⭕️ تدقيق العدسة💙: محمد الجزائرلي.