بدايةً يجب علينا إدراك أنّ مكيف الحرارة هو المشكلة وليس الحل.
يُعد استخدام مكيف الهواء أحد المسببات الرئيسية لتزايد الطلب على الكهرباء بما يعادل 10 بالمئة من إجمالي استهلاك الكهرباء في العالم، وليست هنا المشكلة وحسب؛ بل تحتوي المكيفات على مواد مبرّدة تُعد من الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري، وتُعتبر هذه المواد من أسرع مصادر انبعاثات الغازات الدفينة انتشاراً في العالم.
تساعد الهندسة المعمارية على تحقيق أقصى قدر من الراحة والرفاهية لسكان المبنى مع استهلاك أقل قدر ممكن من الطاقة، وذلك باستخدام تقنيات ” التبريد السلبي “.تلعب استراتيجيات التصميم السلبي دوراً حاسماً في تحقيق التحكم الفعّال في المناخ من خلال تدفق الهواء الطبيعي في المباني، ومن خلال النظر في العوامل الرئيسية الثلاث : ( الظل والعزل والتهوية ).
أولاً : الظل :
يمكن توفير التظليل الطبيعي من خلال العناصر المعمارية، مثل البروزات والفتحات، حيث يمكن أن تقلل هذه العناصر بشكل كبير من اكتساب الحرارة ومن المهم مراعاة زاوية الشمس واتجاه المبنى لتحسين فعالية التظليل.
ويوجد أيضاً العديد من الأساليب الفعّالة للتظليل، على سبيل المثال : البيت الذي تمّ تصميمه لمسابقة “بيت المستقبل” في دبي، فالذي يعيش فيه لن يشعر بالحر أبداً؛ وذلك بسبب استخدام المعماري خمس حوائط بجانب بعضهم البعض والمسافة بينهم قليلة بحيث ترمي الظلال على بعضها ولا تدخل أشعة الشمس أبداً إلى المنزل.
كما تُعد النوافذ الخارجية غير المظللة من أسوأ الأشياء الموجودة في المبنى، يجب ألا تتعرض النوافذ لأشعة الشمس المباشرة خلال أشهر الصيف مع السماح لشمس الشتاء بالدخول، من المناسب استخدام كاسرات الشمس الأفقية والمظلات على النوافذ المواجهة للجنوب.
بينما تُعتبر النوافذ المواجهة للشرق والغرب أكثر صعوبة في التظليل بفعالية، حيث تكون الشمس منخفضة فيلجأ لاستخدام الكاسرات العمودية.للحصول على حل طويل الأمد يجب زراعة الأشجار التي يمكن أن تظلل الواجهات الشرقية والغرببة للمبنى.
ثانياً : العزل :
يجب تطبيق العزل على الجدران الخارجية خاصةً إذا كانت رقيقة، كما يمكن جعل الجدران الخارجية التي تتعرض لأشعة الشمس المباشرة خاصةً بالواجهات الشرقية والغربية أكثر انعكاساً من خلال طلائها بألوان فاتحة.
سكان الطابق العلوي هم الأكثر تأثراً بأشعة الشمس والحرارة؛ إذ يمتص السقف الحرارة وينقلها إلى داخل المبنى، وبالتالي يجب اختيار حلول ” السقف البارد ”
من خلال عدة استراتيجيات :
1. اقترح بعض المعماريين أن يكون السطح عبارة عن طبقتين وببنهم فراغ مفتوح من الجهتين، بحيث تمتص الطبقة العلوية الحرارة ولا تنقلها إلى الطبقة السفلية، ويسمح الفراغ بين الطبقتين للهواء بالتحرك وتبريد السطح السفلي.وقد نفّذ هذا الاقتراح المعماري ” فرانسيس كيري ” في تصميم مدرسة جاندو الابتدائية، ونال عليها أهم جائزة معمارية بالعالم عام 2022.
2. يمكن أن يكون عكس معظم الحرارة التي تسقط على السطح أحد أسهل الطرق لتقليل درجة حرارة السطح، من خلال طلاء السقف باللون الأبيض أو استخدام البلاط ذو الألوان الفاتحة.
3. زراعة الأسطح Roof Garden :
تقلل النباتات والأشجار درجة الحرارة في فصل الصيف من خلال :
● الظلال : حيث تعمل أوراق الأشجار على تقليل أشعة الشمس الواقعة على السطح.
● النتح : حيث تَستهلك هذه العملية جزء من حرارة الهواء لإتمام عملية تبخر الماء الموجود ضمن النباتات، الذي بدوره يرطب الجو.
● طبيعة_المادة : تُخزِن الأشجار والنباتات حرارة أقل من العديد من الأسطح الاصطناعية ( مثل الأسفلت، الطوب، والبلاط … )
لهذا السبب تكون المناطق الحضرية أكثر حرارة من المناطق الريفية المحيطة بها، وهي ظاهرة تعرف باسم ” تأثير الجزيرة الحرارية “.
ثالثاً : التهوية :
يوجد نوعين من تدفق الهواء الذي يجب تسخيرهما في منزلك :
1. التهوية الأفقية المتقاطعة :إذا قمت بفتح نافذة على أحد جوانب المبنى، فيجب أن يكون لديك حجم مماثل تقريباً للنافذة على جانب آخر، ويُفضّل أن لا تكون الفتحتان متقابلتان تماماً؛ وذلك للسماح للهواء بأن يتوزع على الغرفة بأكملها وبعدها يخرج وبالتالي تحقيق الراحة الحرارية في الغرفة.
2. تدفق الهواء الرأسي ” تأثير المكدس ” : المنافذ الواقعة في العوارض التى تدعم أرضية الفراغ والكمرات تسمح للهواء البارد بالدخول إلى الأسفل مباشرةً، والمنافذ الواقعة ما بين الارتفاعات تحت الجزء البارز من السقف تسمح للهواء الساخن المرتفع بالخروج، وكذلك الأمر بالنسبة للضغط والحرارة، هذه الفتحات تسمح بتهوية المنطقة والمدهش هو كيف تعمل هذه الأجهزة البسيطة بصورة مجدية وفعّالة.
كما تعد المناور وسيلة مفيدة للتهوية إذا كانت مُصَممة بالشكل الصحيح، حيث يمكنها إزالة الرطوبة الزائدة، والحفاظ على التدفق المستمر للهواء النقي في المبنى.
بهذه الطرق البسيطة يمكن أن تُخفِض درجات الحرارة داخل المنزل بشكل كبير، بالاستفادة من التهوية الطبيعية مع تطويرها لتواكب التطورات العلمية، وكذلك العمل على إيجاد تصور معيّن لطراز معماري ملائم لاحتياجات المجتمع، وتجنب المباني ذات التصميمات والأشكال الهندسية محكمة الغلق المنعدمة فيها معدلات التهوية الطبيعية، أخذين في عين الاعتبار الإرث الحضاري لتراث العمارة الإسلامية.
اعداد:لارا الراعي