●حظيت تقنية (CRISPR-Cas9) بدرجة كبيرة من الاهتمام منذ استخدامها لأول مرة في خلايا الثدييات في أوائل عام 2013 بسبب تأثيرها الملحوظ فيما يتعلق بالتطبيقات البحثية المحتملة و خصوصاً التطبيقات العلاجية.
حيث تمكّن هذه التقنية من تعديل المورثات وتصحيح الأخطاء في الجينوم و” تشغيل“أو “إيقاف تشغيل” المورثات في الخلايا والكائنات الحية بسرعة وبتكلفة منخفضة وبسهولة نسبية.
●يُشتق نظام تعديل الجينوم CRISPR / Cas9 من نظام مناعي مضاد للفيروسات يحدث بشكل طبيعي في العديد من أنواع البكتيريا، و هو أنزيم قاطع يستخدِم تسلسلات CRISPR كدليل للتعرف على سلاسل معينة من الدنا للكائنات الأخرى (مثل الفيروسات المهاجمة للبكتيريا) ومن ثم قصها.
وبالتالي تشكل تسلسلات CRISPR مع بروتين cas9 آلية دفاع جزيئية مهمة في بدائيات النوى ضد الفيروسات المهاجمة لها.
●أمّا عن طريقة عملها؟!
هي تقنية لتعديل الجينات تتضمن مكونين أساسيين:
1- دليل رنا لمطابقة الجين المستهدف المطلوب.
2- Cas9 (بروتين 9 المرتبط بـ CRISPR): نوكلياز داخلي يتسبب في كسر DNA مزدوج الشريطة، مما يسمح بإجراء تعديلات على الجينوم؛
ولمزيد من التفاصيل عن طريقة عمل الإنزيم يمكنكم الاطلاع على الرابط التالي: https://gut.bmj.com/content/66/7/1329
●قد ثبت بالفعل أنه يمكن استخدامه لإصلاح الحمض النووي المعيب في الفئران وعلاجها من الاضطرابات الوراثية، وقد تم الإبلاغ عن إمكانية تعديل الأجنة البشرية بالمثل.
●وبالحديث عن التطبيقات السريرية المحتملة لهذه التقنية!
تشمل هذه التطبيقات العلاج الجيني وعلاج الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية وهندسة مواد المريض الذاتية لعلاج السرطان والأمراض الأخرى.
●أمّا عن الاستخدامات السريرية المحتملة لتصحيح الاضطرابات الوراثية:
أحد أكثر التطبيقات إثارة لـ CRISPR / Cas9 هو استخدامها المحتمل لعلاج الاضطرابات الوراثية التي تسببها طفرات جينية واحدة؛
وتشمل الأمثلة على هذه الأمراض التليف الكيسي (CF)، وضمور دوشين العضلي (DMD)، واعتلال الهيموغلوبين.
لم يتم التحقق من صحة هذا النهج حتى الآن إلا في النماذج قبل السريرية، ولكن هناك أمل في إمكانية ترجمته قريباً إلى ممارسة سريرية.
●لقد استخدم Schwank et al تقنية CRISPR / Cas9 للتحقيق في علاج التليف الكيسي، وذلك باستخدام الخلايا الجذعية المعوية للبالغين التي تم الحصول عليها من مريضين مصابين بالتليف الكيسي،
وبذلك نجحوا في تصحيح الطفرة الأكثر شيوعاً المسببة للتليف الكيسي في العضيات المعوية.
حيث أظهروا أنه بمجرد تصحيح الطفرة، تمت استعادة وظيفة المستقبل الموصل للغشاء CFTR (CFTR).
●ويعدّ علاج فيروس نقص المناعة البشرية تطبيق سريري محتمل آخر لـ CRISPR / Cas9 !
حيث يقترح المؤلفون أن النتائج التي توصلوا إليها قد تمكن من إجراء علاجات جينية أو زرع خلايا جذعية معدلة وراثياً أو خلايا جذعية محفَّزة متعددة القدرات للقضاء على عدوى فيروس نقص المناعة البشرية.
●وبالحديث عن هندسة الخلايا الجسدية خارج الجسم الحي لعلاج الأورام الخبيثة أو الأمراض الأخرى؟
كان هناك اهتمام متزايد بإمكانية استخدام CRISPR / Cas9 لتعديل الخلايا التائية والخلايا الجذعية / السلفية المشتقة من المريض والتي يمكن بعد ذلك إعادة تقديمها إلى المرضى لعلاج المرض.
قد يتغلب هذا النهج على بعض المشكلات المرتبطة بكيفية تعديل الجينات بكفاءة في الخلايا الصحيحة.
●أمّا عن محدّدات استخدام هذا التقنية؟!
لا يزال هناك عدد من التحديات أمام إمكانية ترجمة إمكانات CRISPR / Cas9 إلى علاجات فعالة بجانب السرير.
■هناك مشكلة خاصة تتمثل في كيفية تعديل الجينات في الخلايا الصحيحة، خاصة إذا كان العلاج سيُقدم في الجسم الحي.
■كما يعد تسليم جينات تشفير Cas9-nuclease بأمان وتوجيه RNAs في الجسم الحي دون أي سمية، مصدر قلق كبير آخر حيث يمكن أن تحدث تأثيرات خارج الهدف على أجزاء من الجينوم منفصلة عن المنطقة المستهدفة.
■قد يكون التعديل غير المقصود للجينوم مضاعفات عميقة طويلة الأمد على المرضى، بما في ذلك الإصابة بأورام خبيثة.
■من القضايا المثيرة للجدل بشكل خاص فيما يتعلق بتقنية CRISPR / Cas9 تعديل الجينات في الأجنة.
●لقد ثبت بالفعل أن تقنية CRISPR / Cas9 يمكنها تغيير جينوم الأجنة البشرية والتي يمكن نظرياً أن تثبت فائدتها في علاج الأمراض الوراثية.
ومع ذلك ، فإن أي تعديل جيني سيكون له دائماً عواقب طويلة المدى غير واضحة.
يعارض الكثيرون تعديل الجيني تحت أي ظرف من الظروف، بحجة أن النتيجة النهائية يمكن أن تكون التحسين الوراثي غير العلاجي.
ومن الواضح أن الحدود الأخلاقية التي يمكن من خلالها استخدام CRISPR / Cas9، لا يزال يتعين تحديدها بالكامل.
حيث حُكم بالسجن لمدة 3 سنوات على جيانكو هي Jiankui He، وذلك لأسباب متعلقة بسوء السلوك الأخلاقي والطبي، حيث أنه عدّل DNA توأم ( عدل مورثة CCR5) ليتم حمايتهم من فيروس الايدز باستخدام تقنية CRISPR.
ونظراً لأن تعديل الجينات ينتج عنه تغييرات جينية تنتقل إلى الأجيال القادمة، فإنه في الوقت الحالي محظور على الباحثين السريريين.
●في عام 2019، نصحت اللجنة الاستشارية للخبراء التابعة لمنظمة الصحة العالمية بشأن الإشراف على تعديل الجينوم البشري،
بعدم القيام بأي عمل السريري حتى يتم النظر في جميع الآثار الفنية والأخلاقية بشكل صحيح،
وعلى النقيض من ذلك، يعد تعديل الخلايا الجسدية البشرية أمراً مألوفاً لمجتمع البحث الطبي والهيئات التنظيمية،
كما يعد أمراً أساسياً للعلاجات الخلوية والجينية، والتي تمت الموافقة على العديد منها سريرياً.
●من بين تقنيات تعديل الجينوم سريعة التطور، تبرز تقنية CRISPR لدقتها!
يتم اختبار CRISPR في العديد من التجارب لعلاج أمراض تتراوح من فقر الدم المنجلي إلى العمى الخلقي.
●لا تزال الفوائد السريرية لـ CRISPR غير مثبتة!
ولكن بالنسبة للعديد من الحالات التي لا يمكن علاجها بطريقة أخرى، فإنها لا تزال واحدة من أكثر التقنيات إثارة والواعدة التي يتم تطويرها، فلا ينبغي أن نغفل عن هذه الإمكانية.
إنّما المطلوب هو مبادرات لتطوير معايير عالمية للرقابة في هذا المجال المهم.
■ترجمة: جواد شاهين.
■رفع وتنسيق: بانة أبو شديد.
■المصادر:
https://jamanetwork.com/journals/jamacardiology/article-abstract/2632329