~على مدى عدة قرون، شكلت هذه الفكرة تحدياً كبيراً للكثير من العلماء، لأنه من المعروف أن جهازنا العصبي المركزي (الدماغ والنخاع الشوكي) لا يتجدد بعد الأذيات.
يستعيد أقل من 3% من الأشخاص المصابين بأذية كبيرة في النخاع الشوكي القدرة على القيام بالوظائف الفيزيائية الطبيعية، ويكون أمل الحياة لدى هؤلاء المرضى قليلاً جداً للأسف.
كان هدف الدراسة هو الحصول على العلاج الذي يقي المرضى من البقاء مشلولين طوال حياتهم بعد رضٍّ عنيف أو مرض ما.
وبعدَ مجهود العلماء أظهرت دراسة جديدة أنه بعد إجراء حقنة واحدة في الأنسجة المحيطة بالنخاع الشوكي للفئران المشلولة، استعادت قدرتها على المشي..!
لكن ما هي مكونات هذه الحقنة؟! وكيف تمكنت من إصلاح الضرر الحاصل؟!
أُطلق على هذه الآلية مصطلح الجزيئات الراقصة Dancing Molecules، حيث يتم توقيت حركة هذه الجزيئات لتجد المستقبلات الخلوية الجوالة باستمرار وترتبط بها.
وبعد حقن هذه الجزيئات على شكل سائل، تتحول في الجسم على شكل هلام لتشكل شبكة معقدة من الألياف النانوية والتي تحاكي المطرق خارج الخلوي للنخاع الشوكي وحركة الجزيئات البيولوجية، وهذا بدوره يسمح لهذه الجزيئات أن تدمج إشارات المستقبلات وبالتالي تستطيع التواصل مع الخلايا.
يمكن من خلال توجيه هذه الجزيئات لتتحرك،أو حتى تقفز فوق البنى أن تكون قادرة على التواصل بشكلٍ أفضل مع هذه المستقبلات.
بالإضافة لذلك فكلما كانت حركة الجزيئات رشيقة أكثر، كانت الفعالية العلاجية أكبر، ووُجد أن هذه الفعالية تزداد كلما زادت سرعة حركة الجزيئات في حالة الخلايا البشرية ضمن أنابيب المختبر مما يشير إلى زيادة الفعالية البيولوجية والتأشير الخلوي.
أما في حال كانت هذه الجزيئات كسولة وبطيئة الحركة، فمن المحتمل ألا تواجه المستقبلات والخلايا وألا ترتبط معها أبداً.
لكن بمجرد الارتباط بالمستقبلات، تحرض الجزيئات نمطين من الإشارات الشلالية، وتكون كلتاهما مفيدتان من أجل إصلاح النخاع الشوكي.
تقوم الإشارة الأولى بحث الذيول الطويلة للخلايا العصبية، أو الإكسونات على التجدد، ومن ثم تقوم الإكسونات بنقل الإشارات بين الدماغ وبقية الجسم، تماماً كالكبل الكهربائي..! وبالتالي فإن ضرر هذه الإكسونات يؤدي إلى فقدان الحس في الجسم وربما الشلل.
ويحدث العكس عند إصلاح الإكسونات، حيث يتحسن التواصل بين الدماغ وبقية الجسم.
بينما تقوم الإشارة الثانية بإنقاذ الخلايا العصبية من خلال حثّ و تحفيز أنواع الخلايا الأخرى على التجدد، حيث تنمو الأوعية الدموية المفقودة التي تغذي العصبونات والخلايا الضرورية لإصلاح النسج.
~تحرّض هذه الجزيئات غمد النخاعين على التجدد حول الإكسونات والتقليل من التندب الدبقي، وهو يؤدي دور الحاجز الفيزيائي الذي يمنع النخاع الشوكي من الشفاء.
أما حول طبيعة هذه الجزيئات فهي كالتالي :
▪︎تحاكي هذه الجزيئات البروتينات الطبيعية الضرورية لتحريض الاستجابات البيولوجية المرغوبة، ولكن العمر النصفي لهذه البروتينات قصير، بالإضافة إلى أن إنتاجها مكلف.
▪︎بينما تكون هذه الجزيئات الصنعية عبارة عن ببتيدات صغيرة معدلة قادرة على الصمود فترة طويلة لتقديم الفعالية البيولوجية، وذلك عندما تتجمع هذه الجزيئات مع بعضها بالآلاف.
~وبذلك نكون قد حصلنا على علاجٍ أقل تكلفة ويدوم لفترةٍ أطول!
ماهو مصير المادة العلاجية في الجسم بعد انتهاء تأثيرها ؟!
بعد تطبيق العلاج وبدء تأثيره، تبدأ مكوناته بالتحلل الحيوي لتتحول إلى مواد مغذية خلال 12 أسبوع ومن ثم تختفي من الجسم دون تأثيراتٍ جانبية تُذكر.
هل يمكن تطبيق هذا العلاج على نطاقٍ واسع؟!
▪︎يمكن لهذا الاكتشاف المهم أن يُطبّق عالمياً لجميع الأهداف الطبية البيولوجية.
▪︎يتم حالياً تقديم هذا البحث ل FDA من أجل الموافقة على تطبيقه على البشر الذين يملكون خياراتٍ علاجيةٍ قليلة.
▪︎هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، حيث قامت بالتحكم بالحركة الجماعية للجزيئات من خلال تغييرات كيميائية في بنيتها في سبيل تحقيق الهدف العلاجي.
~في النهاية، لا بدّ من التذكير بأهمية الوقاية من الحوادث العصبية وتجنب حدوثها كونها من أخطر الأذيات وأقلّها قابلية للشفاء.
إعداد وترجمة : بتول فادي عبيدو.
تدقيق ورفع : حمدة ياسر حنيفة.
المصدر :
https://www.sciencedaily.com/releases/2021/11/211111153635.htm